الثلاثاء، 13 أبريل 2021

دراسة في لغة الضاد بين الأمس و اليوم بعنوان:

لماذا نجد العجم يهتمون بلغتنا العربية و بعض العرب أصبحوا يحطّون من قدرها و يخجلون حتى من نطقها؟

بقلم يوسف القيصر_بتاريخ 18-12-2020


إن لغة الضاد بالنسبة لكل مسلم ليست مجرد لغة تواصلية أو بصمة هوية فحسب بل هي أكثر من ذلك لأنها ببساطة لغة عقيدة ودين ومن فرّط فيها فقد فرّط في عقيدته بها نقرأ القرآن و نقيم الاركان و يخاطبنا بها الملك الدّيان في روضة الجنان و نكلم بها النبي العدنان..


و قد سافرت لغتنا المجيدة مسافات طويلة بين بعدي الزمان والمكان بين العصور و الدهور و جابت الكرة الأرضية جمعاء بكل بقاعها وأوطانها فأسرت النفوس و خلبت الألباب في زمن قياسي جدا وأصبح اليوم عدد الناطقون بها يتعدى نصف مليار شخص، فهي اللغة الأورع بلا منازع سَلِسَة  ومرنة سهلة النطق لها وقع رائع في الأسماع جميلة في حروفها مع صلابة و قوة منفردتان وعميقة جدا في فصاحتها مبهرة في بلاغتها وغزيرة في  كثرة ألفاضها ، وهي أيضا مُعجزة في معانيها،وهي كذلك لغة مرجعية للعديد من اللغات و ستبقى ملكة بين اللغات أبى من أبى و كرِه من كرِهَ ..


وهي منذ زمن قد تبوّأت منزلة سامية بين لغات العالم المعاصر وفي  ديسمبر من سنة 1973 أصدرت الجمعية العامة للامم المتحدة جلستهـا العامـة رقـم 2206 و أصدرت قرارها رقـم 3190 (د-28) و اعترفت بموجبه بأن اللغة العربية لغة عالمية و رسمية لما لها من تأثير كبير في الكيان اللغوي و التراث الانساني و المنظومة الثقافية لجميع الأوطان..


و قد اشتهرت بلغة الضاد لانها وحدها التي تحتوي على هذا الضاد و تفتقده كل اللغات،و لم ينتبه اللغويون لندرة هذا الحرف الا بعد العصر الاسلامي حينما كان بعض العجم يحاولون تعلمها فوجدوا صعوبة في نطق حرف الضاد فعلموا ان العرب وحدهم القادرين على نطقه وفي نهاية القرن الثاني وبداية القرن الثالث ظهر مصطلح لغة الضاد، ومن هنا جاء اسمها المتفرد لغة الضاد..


و رغم أن عدد حروفها لا يتجاوز 28 حرفا أو 29 لأن بعض اللغويين صنفوا الهمزة حرفا أيضا وهو التاسع واالعشرون فهي غزيرة جدا بأكثر من12مليون مفردة و من جهة مادتها اللغوية فصَنَّف الكتاب الشهير لابن المنظور أكثر من ثمانية آلاف مادة...


إن لغتنا العربية هي فخر عروبتنا و إسلامنا فبها نقرأ قرآننا فمعرفتها من الدين، ومعرفتها فرض واجب لفهم الكتاب والسنة،وقد قال عمر رضي الله عنه:( "تعلموا العربية فإنها من دينكم ،وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم"؛فبها نصلي صلاتنا و نذكر خالقنا و نقابل بها نبينا و ربنا ففيها عزتنا و فيها شرفنا ونخوتنا وعروبتنا و فيها أيضا نفحات عطرة من اسلامنا العظيم.. فقد اجتمع لها مالم يجتمع في لغة أخرى من صفات وميزات مبهرة و الحديث حول الصفات يقتضي مقالة لوحده ،كما انها أثَّرت في كثير من الشعوب لقوتها وسلاستها حيث كانت الفتوحات الاسلامية آنذاك قنطرة عبور لها إلى مختلف الشعوب فلما استعمر المسلمون الأوائل أرض الشام ومصر و أرض العراق وخُراسان وأرض المغرب علَّموا أهلها لغتنا المجيدة حتى غلبت على لغتهم الأصلية بمُسلمِهم وكافرهم وزادت انتشارا و شهرة في كل البقاع، و قد كان لها بصمة قوية حتى على لغات كثيرة مثل الكرديّة و الفارسية والماليزيّة و التركية و الالبانية أيضا و لغات أخرى.. وأصدرت اللجنة العامة لمنظمة اليونسكو في ديسمبر 1973 باعتماد اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية الست للأمم المتحدة وهذا لا لشيء إلا لأنها الفضلى بدون منازع..


و سأتطرق معكم لجوهر المقالة والنقاش حول السؤال المطروح(لماذا نجد العجم يهتمون بلغتنا العربية و بعض العرب أصبحوا يحطّون من قدرها و يخجلون حتى من نطقها )و هذا شيء مؤسف جدا و مخجل كل الخجل ففي الماضي كثير من الاوطان العربية أصبح كثير من بني ديوث الذين لا نخوة ولا عزة لهم أصبحوا يهمشونها كل التهميش بل أكثر من ذلك بعضهم ينطقها وهو متأفف منها ناهيك عن أولي الهمم المفقودة و أصحاب النفوس الموؤودة الذين يتكلمون في محيطهم وفي بيوتهم ومع أولادهم باللغة الفرنسية او الانجليزية مباهين الناس و مفتخرين بلغة الأعاجم وهم أسفل السافلين..


و حتى الأمس القريب كان الأباء يعلمون أبناءهم حفظ القرآن وتجويده و بعض أصول اللغة العربية فيشب الطفل على أسس لغة الضاد و يتربع حبها في وجدانه أما الان فأصبح كثير من الآباء التافهين يسجلون أبناءهم منذ الطفولة في مدارس أجنبية حتى يشبَّ الطفل على التكلم بلغات أجنبية وافكار غربية وعقيدة منحرفة..


و إذا رجعنا الى كتب المؤرخين لتاريخ لغة الضاد سنجد أن ملوك أوروبا من نبلاء و أمراء  منذ أوائل القرن العاشر الميلادي اهتموا باللغة العربية اهتماما كبيرا و نقلوا المخطوطات العربية من بلاد الشرق إبان الحروب الصليبية، و لاننسى سنة 1613 حيث أُسِّس أو ل كرسي للغة العربية في جامعة لايدن الهولندية العريقة و الرائدة في مجال الاستشراق كما كان الاقبال في تعلمها بكثرة في هولندا وألمانيا وبلجيكا..


والأنكى من ذلك نجد الكثير من الشخصيات البارزة وبعض السياسيين العرب طبعا المرموقين يهمشونها و يتكلمون في المحافل الدولية بلغات أجنبية مع ان الاخرين لا يتكلمون ابدا بلغتنا العربية ،أخبروني هل هناك إجحاف و ذل و تديث أكبر من هذا؟


و في سياق آخر فازدواجية اللغة عند المسلم العربي لا يجب أن يكون على حساب لغته الأم فيطمس هويتها بالتهميش و اللامبالاة و هذا يدفعنا للنظر في الأسباب فنجد في كثير من الدول العربية أنهم يُقصُون لغة الضاد من الاهتمام الذي يجب أن تناله فعلى سبيل المثال كل موادهم العلمية أصبحت تُدرّس بلغات اجنبية مع أنها صالحة جدا للتعليم بكل أنواعه و حتى الاكاديمي و البحثي و أيضا نجد منذ زمن أن مُعاملها في جدول التقييم و التنقيط في الثانويات هو الأضعف في حين أن معامل المواد العلمية يضاعفه بمرات كما يُلاحظ في السنين الأخيرة دأب بعض أولياء الأمور على تسجيل أبنائهم بمدارس أجنبية التي غالبا لا تعير اهتماما للغتنا العظيمة أو بالأحرى تهمشها..


إن لغتنا المجيدة أمانة في أعناقنا فلا يجب أن نطمس معالمها بل فرض واجب على كل مسلم أن يحميها بكل طاقته من كل شيء يفقدها هويتها ،فالغيرة عليها هي كالغيرة على الدين ولا خير فيمن لا غيرة له..وفي الختام سأترك لكم بعض من أقوال و شهادات مفكرين مشاهير عالميين في حق لغة الضاد:


1 - قال كارلونلينو: «اللغة العربية تفوق سائر اللغات رونقاً وغنى، ويعجز اللسان عن وصف محاسنها».


2 - قال فان ديك (الأمريكي): «العربية أكثر لغات الأرض امتيازاً، وهذا الامتياز من وجهين: الأول: من حيث ثروة معجمها. والثاني: من حيث استيعابها آدابها».


3 - قال د. فرنباغ (الألماني): «ليست لغة العرب أغنى لغات العلم فحسب، بل إن الذين نبغوا في التأليف بها لا يكاد يأتي عليهم العدّ، وإن اختلافنا عنهم في الزمان والسجايا والأخلاق أقام بيننا نحن الغرباء عن العربية وبين ما ألفوه، حجاباً لا يتبين ما وراءه إلاَّ بصعوبة».


4 - قال فيلا سبازا: «اللغة العربية من أغنى لغات العالم، بل هي أرقى من لغات أوروبا لتضمنها كلَّ أدوات التعبير في أصولها في حين أن الفرنسية والإنجليزية والإيطالية وسواها قد تحدرت من لغات ميتة، ولا تزال حتى الآن تعالج رمم تلك اللغات لتأخذ من دمائها ما تحتاج إليه».


5 - قال المستشرق الفرنسي الشهير أرنست رينان في معرض حديثه عن اللغة العربية في "الموسوعة المسيحية": «فهذه اللغة المجهولة التاريخ تبدو لنا فجأة بكل كمالها ومرونتها وثروتها التي لا تنتهي، لقد كانت هذه اللغة منذ بدايتها بدرجة من الكمال تدفعنا للقول بإيجاز: إنها منذ ذلك الوقت حتى العصر الحاضر لم تتعرض لأي تعديل ذي بال، فاللغة العربية لا طفولة لها، وليس لها شيخوخة أيضا، منذ ظهرت على الملأ، ومنذ انتصاراتها المعجزة، ولست أدري إذا كان يوجد مثل آخر للغة جاءت إلى الدنيا مثل هذه اللغة من غير مرحلة بدائية، ولا فترات انتقالية، ولا تجارب تتلمس فيها معالم الطريق».


6- يقول "فيشر": «إذا استثنينا الصين، لا يوجد شعب آخر يحق له الفخار بوفرة كتب علوم لغته، وبشعوره المبكر بحاجته إلى تنسيق مفرداتها حسب أصول وقواعد، غير العرب». أقول: مع قِدَم اللغة الصينية فلا يمكن أبداً مقارنتها بلغة العرب لأنها مجرد كتابة بحيث كل كلمة لها صورة معينة وليست هناك أبجدية، وكل منطقة في الصين تلفظ تلك الكلمة بشكل مختلف تماماً، مع غياب معظم التفصيلات النحوية. فسكان الصين لا يمكنهم التفاهم بين بعضهم بالنطق، ولكن في الكتابة فقط!


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق