الثلاثاء، 18 مايو 2021


 دراسة في البيداغوجيا الفارقية..خصائصها و شروطها..و أثرها في تحسين استراتيجية التعلم لدى الناشئة بعنوان: 

إرساء دعائم نظرية البيداغوجيا الفارقية لدى الغرب كان لها الدورالأكبر في معرفة الفوارق المعرفية والسوسيو ثقافية و السيكولوجية لدى التلاميذ ساهمت بشكل كبير في  إغناء مساراتهم العقلية و الرفع من درجة اكتساب معارفهم..

بقلم_القيصر_11ـ02ـ2021

إن مصطلح البيداغوجيا عموما يدخل في مفهومه كل العلاقات التربوية و التعلمية التي تؤطر الممارسات التواصلية بين التلميذ و المدرس داخل المجال المدرسي، و نظرا لأهميتها العظمى في تكوين الأجيال فقد اهتم كثير من الفلاسفة و الباحثين بدراستها حيث توصلوا إلى عدة أنواع بيداغوجية كمقاربات للبيداغوجيا و من أهمها:

بيداغوجيا المشروع_بيداغوجيا الإدماج_بيداغوجيا الكفايات_بيداغوجيا التعاقد_بيداغوجيا اللعب_البيداغوجيا الفارقية_بيداغوجيا حل المشكلات..

و كل هذه المقاربات البيداغوجية أتاحت للمدرسين طرقا جديدة للتعامل مع التلاميذ رغم اختلاف مداركهم و مستوياتهم الفكرية و لعل أبرز هذه المقاربات هي البيداغوجيا الفارقية و التي تستعمل كثيرا في المدارس الغربية..،

و عرفتها أيضا الباحثة هالينا برزمسكي ( Halina Przesmyky ) منذ سنوات على أنها "بيداغوجية المسارات( pédagogie des processus) : إنها " تعتمد" إطارا مرنا حيث تكون التعلمات واضحة و متنوعة بما فيه الكفاية حتى يتعلم التلاميذ وفق مساراتهم في امتلاك المعارف أو المعرفة الفعل ( savoir faire) ".

و هي أيضا بيداغوجيا الكفايات والقدرات التي تنطلق من مبدأ تعدد الفوارق بين التلاميذ الذي تطرحه قدراتهم المختلفة و تبقى نظرية طُبقت بنجاح كبير و منهجية ذكية و استراتيجية تعليمية و تعلُّمية تعتمد على تحقيق تساوي الفرص لدى كل التلاميذ رغم اختلاف مستوياتهم الفكرية للخروج من الأفواج الدراسية بأكبر نسبة من النجاح،و تبقى من أهم أساسياتها أنها مفردنة(individualisée) و بيداغوجيات السيرورات تضع كل تلميذ داخل إطار تعلمي معين كشخص له تمثلاته الخاصة بحيث تساعده بآليات معينة حتى يسير على إيقاع معين و يستطيع التلميذ الأقل ذكاء من مسايرة الأكثر ذكاء و تحقيق نفس الأهداف،و قد طُبقت في الغرب ابتداء من فترة السبعينات من القرن الماضي مما ساهم بشكل كبير في الرفع من مستوى الاكتساب المعرفي لدى الطلاب و هذا نراه جليا في نجاح منظومة تعليمهم على كل الأصعدة وللأسف فهذه التجربة لا زال الوطن العربي يتجاهلها على كل المستويات و لو طبقها لاختلف الأمر كثيرا..

ففي تاريخ مضى قبل فترة السبعينات من القرن الماضي كان المعلم أو المدرس لدى الغرب يتعامل مع طلابه بطريقة تعلمية واحدة بغض النظر عن اختلاف مداركهم وتفاوت ذكائهم الشيء الذي كان يؤثر بشدة على الطلبة الأقل ذكاء مما يجعلهم غير مواكبين داخل القسم لوتيرة سريعة يتحكم فيها الطلاب الأكثر ذكاء و سرعة في التعلم دون مراعات الفوارق الفكرية و الذهنية و النفسية مما انعكس سلبا على مردودهم الدراسي أدى في كثير من الأحيان إلى إحباط و فشل ذريع..

و بازياد الفشل المدرسي عكف الباحثون الغربيون في البحث عن طريقة لحل أزمة التعلم و إيجاد وسيلة لتطوير آليات التعليم،و خلال مرحلة البحث توصل المربي الفرنسي  (لويس لوغران Louis Legrand ) سنة 1973م الى طريقة جديدة أطلق عليها اسم (البيداغوجيا الفارقية) و قدمها كمشروع إلى وزارة التربية الفرنسية لحل معضلة الفشل الدراسي و قد عرّفها آنذاك بأنها طريقة تعلمية جديدة تعتمد على مقاربة الفرص لدى كل التلاميذ داخل الفصل الواحد الذين تختلف قدراتهم العقلية و الفكرية من كسب المعارف بدرجة متساوية و تحقيق نفس الأهداف بالتساوي....

فهذه الطريقة قد فتحت آفاقا كبرى للتلاميذ الأقل ذكاء و هي تعتمد على 

1_معرفة الفوارق المعرفية لدى التلميذ و معالجتها بطرق تعليمية و علمية بحيث يتصحح مساره التعلمي و تزداد قدرته على التعاطي مع المدرس بكثير من الفهم والإدراك.

2_معرفة الفوارق السوسيو ثقافية ( différences socioculturelles )  و هذا يشمل معرفة مجموعة من الاشياء عن التلميذ لتكون كمعطى يتم على ضوئه معالجة حالته من حالة أسرته و معرفة تاريخها و حالتها المادية و التعرف على معتقداته وخصوصياته أيضا ..

3_معرفة فوارقه السيكولوجية ( psychologiques différences) و هذه تهتم باهتمامات التلميذ و قدراته الإبداعية و أيضا ميوله و نزواته و مخاوفه و تطلعاته  :

عدة معايير لعل من أهمها:

1_ أخذ سن التلاميذ و قدراتهم المعرفية و الفكرية و سلوكياتهم بعين الاعتبار.

2_إعطاء خصوصية لكل تلميذ بوصفه شخص له تفرد في طريقة تعليمه ويجب أن تُحترم.

3_استعمال منهجية و طرق مختلفة لتعليم التلاميذ مختلفة عن تلك التي كانت بالسابق.

و في إطار الرفع من عمل آليات هذه النظرية سعى كثير من الباحثين على تطويرها و كان ذلك على مراحل ساهم فيه علماء من دول مختلفة،و قُسمت أصولها الى عدة أصناف لعل أهمها:

أ_بيداغوجية التمكن و كان ظهورها بالولايات المتحدة الأمريكية و تعتمد هذه المنهجية على إيجاد الفروق بين مختلف التلاميذ و العمل على تقوية مراكز الضعف لديهم وتصحيح مسارهم الدراسي..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق