السبت، 29 مايو 2021


 دراسة في البيداغوجيا الفارقية..خصائصها و شروطها..و أثرها في تحسين استراتيجية التعلم لدى الناشئة بعنوان: 

إرساء دعائم نظرية البيداغوجيا الفارقية لدى الغرب كان لها الدورالأكبر في معرفة الفوارق المعرفية والسوسيو ثقافية و السيكولوجية لدى التلاميذ ساهمت بشكل كبير في  إغناء مساراتهم العقلية و الرفع من درجة اكتساب معارفهم..

بقلم_القيصر_11ـ02ـ2021

إن مصطلح البيداغوجيا عموما يدخل في مفهومه كل العلاقات التربوية و التعلمية التي

تؤطر الممارسات التواصلية بين التلميذ و المدرس داخل المجال المدرسي، ففي تاريخ

مضى قبل فترة السبعينات من القرن الماضي كان المعلم أو المدرس لدى الغرب يتعامل

مع طلابه بطريقة تعلمية واحدة بغض النظر عن اختلاف مداركهم وتفاوت ذكائهم الشيء

الذي كان يؤثر بشدة على الطلبة الأقل ذكاء مما يجعلهم غير مواكبين داخل القسم لوتيرة

 سريعة يتحكم فيها الطلاب الأكثر ذكاء و سرعة في التعلم دون مراعات الفوارق الفكرية

و الذهنية و النفسية مما انعكس سـلبا على مـردودهم الـدراسي أدى في كثـير من الأحيـان

إلى إحباط و فشل ذريع..

و بازياد الفشل المدرسي عكف الباحثون الغربيون في البحث عن طريقة لحل أزمة التـعلم

و إيجاد وسيلة لتطوير آليات التعليم،و خلال مرحلة البحث توصل المربي الفرنسي  (لويس

 لوغران Louis Legrand )سنة 1973م الى طريقة جديدة أطلق عليها اسم (البيداغوجيا

 الفارقية) و قدمها كمشروع إلى وزارة التربية الفرنسية لحل معضلة الفشل الـدراسي و قـد

 عرّفها آنذاك بأنها طريقة تعلمية جديدة تعتمد على مقاربـة الفرص لدى كـل التـلاميـذ داخل

 الفصل الواحد الذين تختلف قدراتهم العقلية و الفكرية من كسب المـعارف بـدرجة مـتساوية

و تحقيق نفس الأهداف بالتساوي....

و عرفتها أيضا الباحثة هالينا برزمسكي ( Halina Przesmyky ) منذ سنوات على أنها

 "بيداغوجية المسارات( pédagogie des processus) : إنها " تعتمد" إطارا مـرنا

حيث تكون التعلمات واضحة و متنوعة بما فيه الكفاية حتى يتعلم التلاميذ وفق مساراتهم في

 امتلاك المعارف أو المعرفة الفعل ( savoir faire) ".

و نـظرا لأهميتها العظمى في تكوين الأجيال فقد اهتــم كثير من  الفلاسفة و البـاحثين

بدراستها باعتماد مرجعيات نظرية سوسيو بنائية و سلوكية و معرفية و توصـلوا إلى

عدة أنواع بيداغوجية كمقاربات لها و من أهمها:

بيداغوجيا المشروع_بيداغوجيا الإدماج_بيداغوجيا الكفايات_بيداغوجيا التعاقد_بيداغوجيا

 اللعب_البيداغوجيا الفارقية_بيداغوجيا حل المشكلات..

و كل هذه المقاربات البيداغوجية أتاحت للمدرسين طرقا جديدة للتعامل مـع التلامـيذ

رغم اختلاف مداركهم ومستوياتهم الفكرية ولعل أبرز هذه المقاربات هي البيداغوجيا 

الفارقية و التي تستعمل كثيرا في المدارس الغربية..،

و هي أيضا بيداغوجيا الكفايات والقدرات التي تنطلق من مبدأ تعـدد الفوارق بيـن التلامـيذ

الذي تطرحه قدراتهم المختلفة وتبقى نظرية طُبقت بنجاح كبير ومنهجية ذكية و استراتيـجية

 تعليمية و تعلُّمية تعتمد على تحقيق تساوي الفرص لدى كل التلاميذ رغم اختلاف مستوياتهم

 الفكرية للخروج من الأفواج الدراسية بأكبر نسبة من النجاح،و تبقى من أهم أساسياتها أنها

 مفردنة(individualisée) و بيداغوجيات السيرورات تضع كل تلميذ داخـل إطار تعـلـمي

 معين كشخص له تمثلاته الخاصة بحيث تساعده بآليات معينة حتى يسير على إيـقاع مـعين

و يستطيع التلميذ الأقل ذكاء من مسايرة الأكثر ذكاء و تحقيق نفس الأهداف،و قد طُبقت في

 الغرب ابتداء من فترة السبعينات من القرن الماضي مما ساهم بشكل كـبير في الرفع مـن

 مستوى الاكتساب المعرفي لدى الطلاب و هذا نراه جليا في نجاح منظومة تعليمـهم بـشكل

 كبير..

فهذه الطريقة قد فتحت آفاقا كبرى للتلاميذ الأقل ذكاء و هي تعتمد على أسيات لعل أهمها:

1_معرفة الفوارق المعرفية لدى التلميذ و معالجتها بطرق تعليمية و علمية بحيث يتصحح

 مساره التعلمي و تزداد قدرته على التعاطي مع المدرس بكثير من الفهم والإدراك.

2_معرفة الفوارق السوسيو ثقافية ( différences socioculturelles )  و هذا يشمل

 معرفة مجموعة من الاشياء عن التلميذ لتكون كمعطى يتم على ضوئه معالجة حالـته مـن

حالة أسرته و معرفة تاريخها وحالتها المادية و التعرف على معتقداته وخصوصياته أيضا ..

3_معرفة فوارقه السيكولوجية( psychologiques différences) وهذه تهتم باهتمامات

 التلميذ و قدراته الإبداعية و أيضا ميوله و نزواته و مخاوفه و تطلعاته  :

عدة معايير لعل من أهمها:

1_ أخذ سن التلاميذ و قدراتهم المعرفية و الفكرية و سلوكياتهم بعين الاعتبار.

2_إعطاء خصوصية لكل تلميذ بوصفه شخص له تفرد في طريقة تعليمه ويجب أن تُحترم.

3_استعمال منهجية و طرق مختلفة لتعليم التلاميذ مختلفة عن تلك التي كانت بالسابق.

و في إطار الرفع من عمل آليات هذه النظرية سعى كثير من الباحثين على تطويرها و كان

ذلك على مراحل ساهـم فيه عـلماء من دول مخـتلفة ، و قُسمت أصولها النظـرية الى عـدة

أصناف لعل أهمها:

أ_بيداغوجية التمكن و كان ظهورها بالولايات المتحدة الأمريكية و تعتمد هذه المنهجية

على إيجاد الفروق بين مختلف التلاميذ و العـمل عـلى تقـويـة مراكز الضعـف لديهــم

و تصحيح مسارهم الدراسي..

ب_البيداغوجيات الجديدة و التي تعتبر البيداغوجية المؤسساتية أو بيداغوجية فريني

(freinet ) من أهم أمثلتها الناجحة و التي أسست مؤسسة تعليمية بمعيار فارقي يتمثل في

 ترك مساحة التعبير لدى التلاميذ فيما يخص كل مناهجهم التعليمية من نصوص و قصص

و صور و غيرها..

ج_و أيضا هناك بيداغوجية علم النفس البنائي الذي وضعه (جان بياجي) وقام فيه بتقسيم

 عملية النمو لدى الطفل إلى عدة مراحل معتمدا في ذلك على نظرية التطور لدى الاطفال

لا تقاس بالسنوات العمرية و لكنها تقاس حسب إمكانية الطفل و مدى قدرته على استيعاب

 المناهج بحيث تساعد تأثيرات داخلية و خارجية في هذا التـطور أما الداخلية فهي تعـتمد

على تطوره الذاتي على حسب قدراته والتأثيرات الخارجية تتعلق بالمتغيرات التي يعيشها

 ضمن محيطه المجتمعي..

و أيضا حدد الباحثون شروطا و معاييرا لها حتى تتحقق بشكل صحيح و من أهمها:

الشروط: و هي خمسة شروط أساسية

1_أن يعملوا ضمن فريق متجانس

و هو ضرورة ملحة لتحقيق الأهداف المتوخاة من البيداغوجية الفارقية ،لان العمل الجماعي

 يؤتي ثماره بشكل كبير بخلاف العمل الفردي

2_تنظيم العمل مع كل المؤطرين و الشركاء

3_مبادلة الاراء فيما بينهم

4_استعمال الوقت بشكل مرن و ذكي

5_و سبب خامس يتمثل في الإخبار كل الشركاء المعنيين بالامر بشكل منتظم و شرح المعطيات حول طريقة تسييره و اهدافه من تلاميذ و آبائهم و مدرسين

كما حُددت لها مقتضيات و هي عبارة عن ثلاثة:

1_فارقية البنيات؛

بحيث يقوم المؤطر بتفريق التلاميذ إلى مجموعات فرعية داخل نفس القسم حتى يستطيع القيام بفارقية المسارات و المضامين بشكل صحيح..

2_فارقية مسارات التعلم

بحيث يوزع التلاميذ مجموعات تعمل على نفس الهدف لكن  باتباع منهجية مختلفة لكل مجموعة و ذلك وفق مسارات متباينة مع الاحتفاظ باستقلالية العمل لكل مجموعة..

3_فارقية مضامين التعلم

أيضا يقوم المؤطر البيداغوجي بتوزيع التلاميذ إلى مجموعات عدة تعمل كل واحدة على موضوع مختلف حول أهداف معرفية و ثقافية متعددة بحيث يتم اختيار المناهج بخبرة و دقة حتى يُستفاد منها بشكل كبير..

_خاتمة

فالبيداغوجيا الفارقية منهجية ممتازة جدا أثبثت نجاعتها بقـوة في كثيـر من الدول الأوربـية

 وتلعب دورا كبيرا في تحسين مستوى التعلم وأيضا دمقرطة المؤسسة التعلمية بشكل كبير،

 و تبقى بعض الصعوبات كعراقيل نحو تحقيقها في كثـير مـن الـبلدان مثل ارتفـاع تكاليـفها

و أيضا لصعوبة منهجيتها سواء على المؤطر أو على التلميذ فتكوين المـؤطر البيداغـوحي

 مسألة صعبة مع قلة عددهم الذي يطرح خصاصا كبيرا، أما على مستوى التلاميذ فيجدون

 صعوبة في التماشي مع المناهج البيداغوجية الصارمة وهناك مجهودات حتى يتم ازالة كل

 العوائق في المستقبل القريب..

بقلم_يوسف القيصر_11ـ02ـ2021

المراجع_

البيداغوجيا الفارقية ل د.جميل حمداوي

دراسات من النت


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق