الثلاثاء، 13 أبريل 2021


 هذا الجزء الأول من دراسة كبرى عن النظام الاعلامي و الجزء الثاني يتمحور حول التضليل الإعلامي السياسي..

قراءة في الاعلام الغاشم بعنوان:

الاعلام اليوم بآلياته الكبرى فاعل قوي في التضليل الغاشم بيد أشخاص فقدوا القيم والضمير الانساني..

بقلم القيصر__ 22-03-2021


إنّ الخطاب الإعلامي العالمي اليوم وصل إلى مرحلة منحدرة جدا في غياب الوازع الأخلاقي و المبادئ الحقّة الرشيدة وبدأ يتسم ببربرية و فساد كبيرين تقوّضت معه كل الرموز النبيلة و قيم الضمير الانساني،فاستُعملت فيه حرية الرأي بطرق لا أخلاقية من قبل لصوص الرذيلة و الشرف و أرباب الأقلام الرخيصة و النفوس الخبيثة..،حيث شكّلت هذه المرحلة في ضل الثقافة المعولمة و الحداثة المرعبة تفككا أخلاقيا كبيرا لدى غالبية شعوب العالم و انحدردت معه كل المُثل العليا  إلى منحدر و حضيض الهاوية ، كلها أشياء أثرت على النُّظم الدولية بشكل و اسع و كبير والنظام الاعلامي كجزء من هذه النّظم كان له الحصة الكبرى من هذا التأثير ،فمنذ عقود و الإعلام يقوم بدور كبير و فاعل في معظم الاحداث القارية اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا و على المستويين الوطني والدولي على حد سواء ، و كانت النزاهة والمصداقية آنذاك من أهم معاييره في نقل الخبر و طرح الحدث،و عندما دخل العالم إلى مرحلة الحداثة الجديدة ونُظم التكنلوجيا والعولمة ازداد دوره بشكل كبير وخطير مما جعل له سلطة سيادية كبرى تهاوت أمامها باقي السلطات الأخرى وأصبح يأثر في النُّظم كافة ويتحكم بموجبها في سير الاحداث وتحديد اتجاهاتها، و في المرحلة الراهنة تراجعت ثقة الكثيرين في نزاهته و مصداقيته نتيجة تغير كبير في المعايير المتعلقة بمبادئه و أخلاقياته،فمنذ عهد وهو يتنازعه الفساد والنزاهة و كانت الغلبة لهذه الاخيرة في كثير من الوقائع لكن سرعان ما أمسك الفساد بزمام الاعلام وأصبح متحكما فيه و بقوة كبيرة فلم يعد دور الاعلام يقتصر على تقديم الخبر وتحليله بمصداقية بل أصبح يزيف الخبر ويحلله بلا مصـداقية ويقدم أخبارا خبيثة و غير أخلاقية تماما ،فبدأنا نرى الصحف مليئة بالفضائح و الأكاذيب وأخرى بالاشاعات و الاخبار المركبة حتى لم نعد نرى خبرا صحيحا سوى في عمود الاعلانات،و أيضا كثير من الصحف لها توجهات سياسية محضة تخدم مصالح حزبية و أخرى لها توجهات عرقية و ثالثة متخصصة في نشر الفضائح و رابعة لقصص الاثارة والمحتويات الاباحية لا الحصر..

فهذه و غيرها كلها أشياء جعلته وحـشا مخـيفا يَرهَب جانبه الكثيرون،وكصـيرورة طبيعية لهذا المظهر الجديد الذي أصبح عليه بدأ أشخاص يتصفون بمنتهى النذالة ويتربعون في مراكز قيادية يوظفونه بشكل كبير في التأثير على الموازين الاقتصادية بمعايير خاطئة تفتقد إلى أبسط معاني الصدق و الشرف وآخرون يستعملونه لتزيف المدلول السياسي و رسم الخريطة السياسية حسب مصالحهم و أهوائهم في حين هناك فئة أخرى تستعمل هذا الاعلام لأشياء أكثر قذارة و نذالة و توظفه في الانتقام من الشرفاء بترويج الصور المزيفة والأفلام الجنسية المفبركة ونشرها عبر القنوات والصحف المشبوهة..

و أصبحنا كل يوم نسمع عن ضحايا الاعلام الغاشم و عن أباطرته الذين ملكوا ذمم أصحـاب القلم من صحافيين واعلاميين فاقدي الضمير فأبدعوا في فبركة الخبر و زينوه بأكاذيب براقة مرتكزين على شائعة ما بحيث يعمل ميكانيك الشائعة على بلورتها حتى تتخذ حلة خبر حقيقي ،فرسموا بها الخيبة والألم على أناس شرفاء ودمروا حياة آخرين لا ذنب لهم سوى أنهم وقفوا وقفة حق أو أصحاب موقف نبيل..

و نجد أيضا أن آليات الصحافة و القنوات الاذاعية و التلفزية على حـد سواء يتحكم فيها أشخاص معظمهم غير شرفاء قد باعوا ذممهم للشيطان و فُـقدت فيهم كـل القيم النبيلة، تخـلوا عن  إخلاصهم لمهنتهم و فقدوا أيضا ضميرهم الانساني فأصبحنا نرى كم عاث الاعلام في الأرض فسادا حيث وظفه الذين ظلموا أنفسهم لمآرب شتى فـأحـيانا لتحقيق مدخـول مـادي و أخـرى لخدمـة مصالح سياسية أو طائفية كما استعمله اخرون للنيل من أعدائهم و تشويه سمعتهم و تدمير حتى حياتهم..

و للأسف الشديد نجد ظاهرة أخرى عززت من تقوية شوكة الاعلام المضلل ويتعلق الامر بالمستهلك و هو المواطن بالدرجة الاولى سواء كان قارئا للخبر في الصحف أو متفرجا عليه على الشاشة بحيث باتت شريحة عظمى من هؤلاء تبحث بشدة عن الخبر الذي يتمحور حول الشائعات القذرة  و فضائح الشرف أشياء تنم عن هشاشة مجتمعات نزلت أخلاقه الى الحضيض..

و هؤلاء الاشخاص و أمثالهم للأسف هم الدعامة الكبرى لأصحاب الاعلام المدمر يقرؤون الخبر بغباء و جهل و أيضا بانعدام ظمير دون التحقق منه بل هم أنفسهم يعملون على ترويجه على أكبر نطاق..

لقد تخطى هؤلاء الطغاة الاعلاميون جميع الاعراف ضاربين بعرض الحائط كل القيم النبيلة النابعة من الظمير الحي و جعلوا من المنبر الاعلامي الشريف منبرا قذرا يبعث الخوف و الرعب في النفوس، و في ظل تطور آلياته ازدادت خطورته سواء على المستوى الوطني أو الدولي و يزداد الامر سوءا عندما أصبح أداة طيعة عند أولي النفوذ الواسع و الذين يستغلون نفوذهم السياسي و مواردهم المادية الهائلة في التنكيل بأعدائهم دون أن ترمش لهم عين،و رأينا كم أصبـح يـقلب الأحداث على المستوى القاري بشكل سريع و عجيب و بدأنا نسمع كل يوم عن دبابير الاعلام التي تعقد صفقات اعلامية يندى لها الضمير الانساني فملؤوا أعمدة صحـفهم بالخبر الضخم المليء بالـزيف والأكاذيب أشياء نزلت بمهنة الاعلام النبيل الى أسفل الدرك من الدنس والنذالة..

بقلم يوسف القيصر__ 22-03-2021


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق