الجزء الأول من أكبر و أضخم بحث أكاديمي على مستوى الوطن العربي
حول منظومة التعليم بدول العالم الثالث
مقدمة:
بقلم يوسف بنغازي القيصر
إنه من الصعب بل من المستحيل على أمة لا يتطور فـيها التعليم أن تحقـق تنمـية
حقيقية و شاملة و تبقى كـل ضروب التنمية لا تحقـق إلا النذر اليسير من التقدم
والتطور،كما أن كل علماء الاقتصاد والباحثين حول العالم قد توحدت آراؤهم حول
معضلة التنمية بدول العالم الثالث و التي تعـود أهم أسـبابها بالدرجة الأولى إلى
النظام التعليمي بهذه الدول و الذي يعتبر من المعضلات الكبرى التي تعيق النمو
و التطور بشكل كبير..
فإشكالية النظام التعليمي بالدول النامية إشكالية في منتهى العمق و قد تظافرت
عدة عوامل لإنهاكه أو بالأحرى لانهياره و أذكر منها ثلاثة عوامل كبرى أولها
هيمنة الإيديولوجية الاستعمارية على العقلية التعليمية و ثانيا استشراء الفساد
أو رداءة التخطـيط المالي مما حرم الميدان التعـليمي من تمويل يكـفـل له الرقي
و التـطور و ثالثا تحـكم المرجعية السياسية في سـير العملية التعـليـمية و هـذه
الأسباب الثلاثة تفرعت منها أسباب فرعية أخرى ساهـمت في قصم ظهر البعير
أو التعليم..
فالاستثمار في العقول كان و لا يزال هو دأب الدول المتقدمة التي طورت تنميتها
و أسست حضارتها على أساس قـوي و متين ، و التعليم كوسيلة لهذا الاستثمار
له دور محوري في تكوين الوعي ويعد آلية من الآليات الكـبرى لتحقيق الأهداف
الانمائية و التي تساهم بشكل مباشر في التطور الحضاري ويعـتبر مجالا حيويا
جدا وحقلا من حقول المعرفة الأساسية التي تصنع أجيال المستقبل وتبني العقول
وأيضا فالتعليم يكوِّن الخبرات والمهارات بطريقة تدريجية و منظمة لكن للأسف
فهـذه المنظومة الحيوية و الحساسة جـدا تعـاني الأمرّين مـنذ عـقـود و لم يعـد
يلوح في الأفـق أي سـبــيل لإصلاحـها أو تحـسين لآلياتها لأنها وُضعت خارج
كل الخيارات حتى أصبحت قديمة جدا وعاجزة عن تأهيل أو تخريج طلبة يرقون
إلى المستوى المنشود..
فـتحسين مسار التعليم ليس بالأمر الهين كما أنـه ليس بالشيء المستحـيل كما
أن الاصلاح المؤسسي في دول العالم الثالث رهين بتغـيير جذري في التشريعات
و التنظيمات التربوية و التعليـمية و أول شيء يُـبدأ بـه هـو تغـيير السياسات
و الاسـتراتـيجيات الكلاسيكية المتبعة بأخرى متطورة تـساير مرحـلة العـصر..
و في بحثي سأطرح كل المعوقات التي تعيق عملية التنمية التعلـيمـية و هي
كـثيرة و سأحاول أيضا توضيح الأسباب و طرح النتائج و تبسيط الحلول..
***************************************
المبحث الأول:
القسم الأول:
{التعريف بمفهوم العالم الثالث}
إن التباين الكبير الذي شهده العالم على مستوى الكيانات الدولية خصوصا بعد
الحرب العالمية الثانية قد أفرز داخـل النظام الدولي فـروقات و اخـتلافات كبرى
خلقت خللا كبيرا في آلية سيرها لأنها لم تعـد تسير كلها وفق منهجـية واحـدة
فكان لزاما على الدول التي أفرزت سبقا حـضاريا أن تـقسم العالم إلى مـناطق
و دول كل حسب قدراته و موارده..
ثم بعد فترة وجيزة برز مصطلح جديد على السطح و هو مصطلح " دول العالم
الثالث" و الذي ارتبط بالدول النامية التي عجـزت عن السـير في مقدمة ركـب
التنمية العالمية{حيث ذكر المصطلح لأول مرة من طرف الفرنسي"ألفريد سوفيه"
في مقالة اقتصادية كتبها سنة 1952 و كان يرمز بالمصطلح للدول النامية التي
لا تنتمي ل"لدول الغربية "} أ_ب1_*المصدر1. و قد اختار مصطلح "الثالثة"
لسبب وجيه لأنه قـبل الثورة الفرنسية كانت الدول النامية يرمز إليها بدول الفئة
الثالثة..
و قبل الاسترسال يجب توضيح الفروقات بين المسميات و أقصد هنا الفروقات
بين العـالم الاول و الثاني و الثالث فبعـد الحرب العالمية الثانية ظهـرت عـلى
مستوى النظام الدولي فـروقات كبرى حيث أصـبحت دول تعـيش فـوق الهرم
الدولي و صـنفت ضـمن دول العالم الأول و كانت آنذاك تـتكون من الولايات
المتحدة الأمريكية و حلـفائها من دول أروبا الغربية التي كونـت معها حـلـف
الناتو إضافة إلى أستراليا و اليابان و في الهرم الدولي كذلك هناك في الوسط
دول العـالم الثاني و أغـلبها دول اشـتراكـية عـلى رأسها الاتحاد السوفياتي
السابق و حلفائها من الصين و بولندا و بعـض الدول الأخرى و نـأتي إلى
قاعدة الهرم حيث نجد دول العالم الثالث و أغلبها مستعمرات الحرب الباردة
تشكل معظمها الدول الافريقية..
و يبقى مصطلح "دول العالم الثالث" ليس ذو دلالة جغرافية فحسب بل ذو
دلالات اجتماعية و اقتصادية وسياسية، فدلالاته الاجتماعية تظهر في تدني
مستوياته الاجتماعية سواء المعيشية منها أو الثقافية وحسب تقرير للأمم
المتحدة"١٩٩٤م : "إن خمس البلدان الأكثر ثروة في العالم تستأثر بما
نسبته ٨٥ ٪من نتاج العالم،بينما لا يجني خمس البلدان الأكثر فقراً سوى
ما نسبته ٠٤,١."أ_أ2_1*المصدر. و دلالته الاقتصادية تتجلى في كون
هـشاشة آلياته الاقتصادية مماانعكس بشكل واضح على هيكـله الاقتصادي
كـكل وصل في دول كثيرة الى تخـلف اقتصادي كبـير و أيضا فـالدلالة
السياسية تـنبع من التبعـية السياسية لدول العالم الأول التي باتت تعيشها
هذه الدول نتيجة للهشاشة الاجتماعية و الاقتصادية..
وقد أفرز هذه العالم الجديد خصائصا و سمات تنفرد به وحده ويـمكن وتبقى
أكبر مشكلات العالم الثالث منحصرة كلها في التعليم بحيث أنه هذه الدول لا
تشكوا من أي عجز أو قلة في الموارد وحسب تقرير لبرنامج الأمم المتحدة
فإن"مليار و ثلث المليار من الفقراء حـول العالم لا يحـصل إلا عـلى نصف
دولار في اليوم"1أ_ب_*المصدر. و هذا الفقر الكبير ليس لـقلة الموارد
ولكن لقلة القدرات البشرية والعقول المنتجة تقسيمها لخصائص اجتماعية
واقتصادية وسياسية ،فالاجتماعية هي كالتالي:
1_أول شيء تعرف به "دول العالم الثالث"ارتفاع نسبة الجهل بشكل كبير
2_انعدام اللوعي الفكري و الثقافي بين أفراد مجتمعه
3_ارتفاع وتيرة التوالد بشكل مفرط لأسباب اجتماعية أو أخرى ثقافية
4_ضعف البنى التعليمية و الصحية
فهذه النتائج و غيرها و التي تعد في خانة الاجتماعية أدت إلى وضع هذه
المجتمعات
في مستوى معيشي منحط يفتقر كثيرا إلى أهم أسباب الحياة الكريمة..
و نأتي إلى ذكر الخصائص الاقتصادية التي تميز هذا العالم:
1_إن ضعف البنى التعليمية كأحد الخصائص الاجتماعية لدول العالم الثالث
قدانعكس بقوة على االجانب الاقتصادي لان هشاشة التعليم أدت بشكل مباشر
إلى ضعف الهيكل الاقتصادي الشيء الذي انعكس بالضرورة على كثير من
الاستثمارات مما خلق خلق خصاصا في المواد الاستهلاكية..
2_و هذا الخصاص في المواد الاستهلاكية أدى هو الاخر إلى شـيئين جوهريين
و يتمثل الأول في عجز هذه الدول من تحقيق اكتفائها الذاتي مما جعلها تلجأ إلى
تصدير موادها الأولية كنوع من المبادلة لتعويض الخصاص في المواد الاستهلاكية..
3_وهذا الخصاص المتزايد وتصدير المواد الأولية بأبخس الأثمان أدى إلى معضلة
كبرى ألا و هي اضطرار هذه الدول الى الاستـدانة من الدول الاخرى الشيء الذي
خلق خلال فترة ارتفاعا كبـيرا في المديونية الخارجية و هـو شيء له انـعاكاسات
خطيرة ذات أبعاد سياسية كبرى..
و على ذكرالأبعاد السياسية فهذا يقـودنا إلى النوع الثالث مـن الخصائص و هي
الخصائص السياسية المؤثر الاكبر في حياة الشعوب و لعل اهمها:
1_لكل الأسباب التي ذكرت فقد أصبحت هذه الدول تعيش في فقر كبير ارتفعت
معه مستويات الهشاشة الاجتماعية و الاقتصادية بشكل مفرط مما انعـدم معه
الاستقرار الاقتصادي الذي أصبح يعاني الكثير الشيء الذي اضطرت معه هذه
الدول إلى اللجوء الى دول العالم الأول لطلب المعونة مقـابـل تنازلات سياسية
و بعد التنازلات تلو التنازلات أصبحت هـذه الدول النامية تابعة للدول الاخرى
في أجندتها السياسية أشياء أثرت بشكل كبير في حياة هذه الشعوب..
2_كما أن ضعف التعليم يجعل العقول و الكفاءات من الطلبة المتفوقيين ترحل
إلى الخارج لتكمل تعليمها لأنها لم تجد بأوطانها بيئة مناسبة تستطيع فيها التكيف
مع قدراتها و العطاء بشكل إيجابي وهذه الهجرة لأصحاب الكفاءات الفكرية تخلق
عجزا كبيرا لدينا أشياء لها تأثيرات ذات أبعاد سياسية واقتصادية عـلى المدى
البعيد و القريب..
***************************************
القسم الثاني
{مميزات العالم الثالث وعلاقتها بظروف التنمية التعليمية}
إن أهم ما يميز بلدان العالم الثالث أنها أوطان بـلا أي مميزات تـذكر باسـتثناء
الهشاشة وكثرة الأعطاب مما نتج عنه مجتمعات مهمشة جدا بنمو سكاني كبير
مما خلق عجزا للدول بإمكانياتها الضعيفة في احتواء الانفجار السكاني الهائل
و خلق مجتمعات ترزح تحت ثقل هم العيش و لقمة البطن من جهة و بين الجهل
والتخلف الكبيران من جهة أخرى أشياء نتج عنهما آثار كبرى وسلبيات لا حصر
و لا نهاية لها..
"فخلال لفترات ١٩٦٠ -١٩٦٥ و١٩٧٥ -١٩٨٠ ارتفع عدد سكان العالم الثالث
بشكل رهيب وفي السنوات الموالية ازداد ارتفاعا بضعف الوتيرة التي يزداد بها
حول العالم أو أكثر"_أ2_1*المصدر. و فجوة الفقر ازدادت عمقا جميع وعلى
جميع المستويات..
و قد شمل هذا التدني في المؤشرات جميع المجالات و القطاعات و بلا استثناء
فالأوضاع الاجتماعية كان و لا يزال يغلب عليها معتقدات بالية وثقافات رجعـية
و اقتصاديا فحدث و لا حرج لأن الانتاج في معظم هذه الدول رديء جدا و الهياكل
الصناعية تفـتقر إلى أبـسط التقنيات و الآليات التكنلوجية و غـياب الكفاءات
التشغييلية مما يؤثر على مستوى الانتـاجية بـشكل كبير جـدا و لأن هـذه البلدان
كما " أن البلدان الأشد فقرا كانت تتخلف بسرعة متزايدة في المجال التجاري
مثلما كانت تتخلف في القطاعات الأخرى التي تناولناها أعلاه و هذا التدهور
مس الصادرات بقـدر ما مس الواردات . و قد كان من السمات الملحوظة
الصادرات"..\أ_أ4_1*المصدر .
و أيضا فرغم أن هذه الدول كانت غنية بمختلف الموارد الأولية فإنها تعجز
عن استغلال هذه الموارد لعدم توفر آلات لتصنيعها ممايضطرها إلى تصدير
هـذه الموارد الهامة للدول الصناعية بأبخـس الاثمان أشياء كلها انعـكست
على هيكلها الاقتصادي و مستوى تنميتها بشكل سيء جدا..
وعلى المستوى السياسي نجد ترديا كبيرا ينعدم معه الاستقرار السياسي بأغلب
هذه البلدان نتيجة الحروب التي لا تنتهي و النزاعات الاهلية و الطائفية كلها
أسباب زادت من حجم الفجوة في هذه الدول..
وهذه الخصائص الهشة وغيرها خلقت نوعية حياة تفتقر إلى أبسط معايير الحياة
الكريمة ناهيك عن هشاشة النظم الصحية والتعليمية اللذن يعتبران من أهم النظم
التي تعتبر من أهم أساسيات كل أمة،وكلها أسباب انعكست على التنمية التعليمية
لسببين إما لضـعـف الامكانيات للنهوض بهـذا الميدان أو لانعـدام الوعي بأهمـية
التعليم و تركوه خارج الخيارات أشياء زادت من جم الفجوة وتنامي أسباب الجهل
و الهشاشة و التخلف..
***************************************
القسم الثالث
{التعليم في دول العالم الثالث هو آخر الخيارات}
إنه لمن المؤسف حقا أن نجد أهـم عـوامل التنـمية و المتمـثلة في التعلـيم هي آخر
الخيارات لدى معظم دول العالم الثالث إن لم نقل كلها و فشل التنمية المستدامة لا
يسير بالنحو الطـبيعي لأن المعادلة دائما غـير مكتلمة كون القـدرات التي تصـنع
أسباب التنمية غير مـتوفرة بشكـل كـاف نـتيجة هـشاشة التعليم و هـذه السياسة
التعليمية مضى عليها عقود و هي تتأرجح بـين الفشل و العجز و تـتجاذبها عـدة
أعطاب و مـثالب كبرى خلـقـت إخفاقات تلو الاخـفاقات و الاجيال متأرجحة بـين
الهشاشة الثقافية و غياب الفكر المعرفي و التربوي..
فتطوير التعليم بكثرة ما طال عـليه الأمد أصبح كحلم صعـب التحـقيق مع أنه يوجـد
بهذه الدول امكانيات وموارد مهمة جدا تؤهلها لتحقيق التنمية التعليمية المنشودة
لكن السبب ليس في الموارد و لكنه في عقلية المسيرين الذين جعلوا اصلاح التعليم
خيارا غير وارد و لأن الوعي المعرفي عندما ينتشر ستتجلى للكل ما تقوم به
النخب من خروقات وأقصد هنا النخب السياسية التي دأبها الدؤوب تسييس القطاع
التعليمي و ستظهر هـذه الخروقات الكبرى لأن الوعي يكشـف كـل شيء و سيجعـل
كـثيرا من الأمور المخفية تظهر على السطح..
و قد قامت بعض الدول بوضع التعليم داخـل الخيارات بعـد أن كان خارجـها
وبـدأت في الاصلاح لكن هذا الاصلاح يسير بخطى ثقيلة جدا في غياب خطط
و استراتيجيات و أيضا سبب اخر يكمن في كون هذه الاصلاحات ظرفية و مؤقتة
وليست على المدى الطويل الشيء الذي يجعل فاعليتها ضعيفة و التغيير يبقى
مؤجلا ضمن خطط أخرى..
و حتى لا يعيق مخططات التنمية التعليمية أي عائق يجب صياغة خطط رؤى للأمد
البعيد و ربطها بقوانين إلزامية و أذكر هنا االتجربة المغربية في هذا الميدان التي
انطلـقت منذ ثلاثة سنين حيث وُضع في 2015 بنود القانون المتعلق بالنظام
التعلـيمي و البحث العلمي باستراتيجية تمـتد الى سنة 2030 و قـد ذكر موقع
القانون الجامعي المغربي أن "صياغة الإصلاح في إطار تعاقدي وطني ملزم، من
خلال اعتماد قانون - إطار يحدد الرؤية على المدى البعيد"4أ_ج_*المصدر_
و تأتي أهمية هذا المشروع في كونه سيبقى بعيدا عن كل العوائق السياسية
و سيلزم كل الاطراف بوعودها بغض النظر عن أي إكراهات..
كما ذكر نفس الموقع أنه سيتم " تفعيل التضامن الوطني والقطاع ،بمساهمة جميع
الأطراف والشركاء المعنيين و خصوصا منهم ، الجماعات الترابية ، و المؤسسات
و المقاولات العمومية و القطاع الخاص و الأسر المـيسورة ، و كذلك إحداث
صندوق خاص لدعم عمليات تعـميم التعـليم الإلزامي يمول في إطار شراكة من
قـبل الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية "5أ_ج_*المصدر.
و نتـمنى أن تؤتي هذه الخطة ثمـارها في السنوات القـادمة و تـساعد في إصلاح
موضع الخلل في منظومة التعليم و سيبقى رهان التـنمية قائما و التحدي يـزداد
وعورة و لعـل المستقبل يـنكشف عن انفراجة تـتيح للتعليم متنفسا جديدا و أفقا
مشرقا..
***************************************
المبحث الثاني
القسم الأول
{التعريف بالتعليم:}
لقد جاء التعليم كآلية لتنوير العقول و بناء الكفاءات و قـد مر بمراحل كــبرى عـبر
العصور حتى اتخذ مظهره الجديد في عصرنا الحديث وأصبح ينهج طريقة عقلانية
و مقننة عبر مجموعة من الأطر الخبيرة و المحترفة و تُخصص له مؤسسات تسير
وفق نظام قانوني و منظم ،فهو أولا ركيزة أولى و بغيرها ستبقى الناشئة تعيش في
ظلام الجهل و التخلف لا مستقبل ينتظرها أو أمل يحذوها و أيضا بغير تعليم لا
تقوم الأمم و تبقى عاجزة عـن تطوير عـلومها و تجديد ثقافـتها أشياء سـتعجزها
عن بناء وعيها و النهوض بحضارتها..
فالتعليم من أهم الآليات الكبرى التي تُعتمد كأساس لبناء الأجيال و تزويدهم
بمجموعة من المعارف العلمية و الفكرية التي تكوِّن لديهم قدرات تساعدهم
على اكتساب مهارات و خبرات لفهم الحياة بشكل واضح و صحيح و في وقت
لاحق فهـذه المهارات تتـبلور مع تجاربهـم و تـمكنهم من الدخول إلى سوق
العمل لكي يبنوا مستقبلا لهم و يسهموا أيضا في بناء مجتمعاتهم بـمزيد مـن
العطاء..
فعملية التعليم داخل المؤسسة و البـيئة التعليـمـية تـقوم أساسا على التغـيير
بحيث يغير المدرس في فكر المتمدرس سـواء على مستوى خلفيته الثقافية
والفكرية أوالنفسية أو الاجتماعية يُشحنه بمجموعة من الأفكار و المعطيات
تدريجيا طيلة سنوات و هذا الأخير يقوم تخزين هـذه المكتسبات المتراكمة
طيلة مدة تمدرسه حـتى تأتي لحظة تخرجه و اكتمال تكوينه و يصبح مؤهلا
هو الاخر لإحداث التغيير و التأثير لاحقا في بناء مجتمعه ليطورها و يحسنها
بأفكار جديدة و رؤى متجددة..
وتعتبر العملية التعليمية عملية مشتركة بين مجموعة من الفاعلين كأطر داخل
الاطارالتعليمي وعندما تكون هذه الأطر جادة و ملتزمة كل الالتزام فإن العـملية
سـتؤتي ثمارها و تعطي مردودها على المتمدرسين من الناشئة و لعل من أهم
نواتج و مخرجات العملية التعليمية الرشيدة هي كالتالي:
1_تقويم سلوك الناشئة و تهذيب أخلاقهم
2_تعليمهم الالتزام و الانضباط
3_التواصل المدرسي يساعدهم على بناء آليات للتواصل المجتمعي البناء
4_تنوير عقول الطلبة بعلوم فكرية و معرفية تزيد من سقف معرفتهم و من
معدل ذكائهم.
5_بعض المواد التطبيقية والعلمية تضيف لهم مهارات وخبرات ستساعدهم
مستقبلا بشكل كبير..
***************************************
القسم الثاني
{علاقة التعليم بالتنمية}
إن التعليم و التنمية وجهان لعملة واحدة و يقع بينهما دور تأثيري متبادل بحيث
أن التعليم البناء يعطي أجيالا واعدة تسهم بشكل فـعال في عمـلية التنمية كـكـل
و عندما تزدهر هذه التنمية فإنها تنعكس مرة أخرى على على القطاع التعليمي
بمزيد من التحسينات التي تزيد من رقيه و تطوره..
فالاستثمار في التعليم هـو الاستـثمار الصحيح لإعـداد طاقات بـشرية ذات وعي
وقدرات تستطيع الاندماج في المجتمع بشكل إيجابي و المساعدة في صنع أسباب
التنمية للوطن ،فالتعليم كآلية للتطور الحضاري وعندما بالأرقام كم ساهم التعليم
في دول كانت تعـيش أسوأ الظروف لكـنها استطاعـت أن تحسن من نوعية التعليم
و تمكنت في ظرف وجـيز من الالتحاق بالركب الحضاري للامم المتحضرة وليس
هناك أبلغ مثال عن اليابان و الصين و سنغافورة و فنلندا و كوريا الجنوبية أيضا
و استطاعت هذه الأخيرة من تتحقيق معادلة صعبة كانت تعد مستحيلة حيث كانت
حتى سنة 1950بنهاية يصعب التنبؤ لها بأي مستقبل قريب لكنها استطاعـت رغم
الظروف الصعـبة خـلال ربع قرن مـن تخطي نـقـطة عـبور سـوداء في تاريخها
و تمكنت من تأسيس نظام تعليمي حديث و قوي أمكَنها من تحقيق تنمية رائعة
ترقى لتطلعاتها المنشودة و باتت كقدوة مشرفة و مضيئة..
و هذا المقطع اقتبسته من مصدره و يقول " جذور التعليم في كوريا تعود إلى
عام 372 للميلاد، حينما تأسست أول مدرسة نظامية ، لكن الهيكل التربوي
والتعليمي الحديث المعمول به حالياً عمره نصف قرن تقريباً وعلى الرغم من
هذه الفترة الزمنية القصيرة نسبياً فإن برامج وخطط التعليم الكورية أثمرت
عن أشياء مثيرة ومدهشة"1أ_*المصدر..
و بالتالي فنجاح التنمية الوطنية بأي وطن رهين بالدرجة الأولى بنجاح التنمية
التعليمية و أي فشل في هذه الأخيرة سينعكس بالضرورة على الأولى و لن تقوم
للوطن قائمة أشياء نراها رأي العين في معـظم دول العالم الثالث التي أصبحت
بسبب هشاشة التعليم عاجزة كل العجز من مواكبة الأمم المتقـدمة و بقـيت قي
ذيل الركب الحضاري..
***************************************
القسم الثالث
{الخلل في التواصل بين الخطة التعليمية و الاجتماعية و الاقتصادية يقف عائقا
أمام سير التنمية التعليمية}
إن النظم المخـتلفة لوطن مـعـين تـتشارك جميـعها نـفس الـمصالح و الأهـداف
و المتمثلة في مصلحة الوطن و دعم تطوره و تنميته و تتظافر كل من المتغيرات
الاجتماعية والموارد الاقتصادية والتعبئة السياسية لصنع خارطة الطريق لمزيد
من الانماء و التطور..
فالتعليم اسـتطاع أن يغير في عوامل ااقتصاد والإنتاج الأخرى في الدول المتقدمة
وفي مؤشرات التنمية و معدل التراكم الرأسمالي،وحسب المصدر_دور مؤشرات
التعليم التعليم الاقتصادي_الاقتصادي في النهوض التعليم التربوي_فإن:
"دخول الأفراد المكونة للدخل القومي تعتمد بدرجة كبيرة على مستوى التحصيل
الدراسي لأن التحصيل يعد من المعايير الأساسية في حساب الأجور وتوفير فرص
العمل بخاصة عند المؤسسات الحكومية، من جانب أخر فأن أي زيادة في الـدخل
القـومي و النـاتج المحلـي الإجمالي ستساعد على زيادة تخصيص التعليم ومن ثم
زيادة معدل نمو رأس المال البشـري(عدد سنوات التعليم أومعدل الالتحاق بالتعليم
أو كلاهما). وقد اسـتطاع التعلـيم المخـتص بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات أن
يتجاوز عوامل الإنتاج الأخرى في تأثيره في النمـو و التراكم الرأسمالي ، وازداد
الطلب العالمي على الأيدي العاملة المتخصصة بهذه المجـالات . (3، (و قد قدرت
مساهمته بـ (7( %منNP G العالمي * ب_ب2__3*المصدر.و من أجـل نجاح
هـذه الشراكة يـضع لها أصـحاب الشأن خطـطا ترسم خـطوطها وأبعادها..
لكن عندما نجد قطاعا حساسا جدا ومهمش بطريقة كبيرة وبعيد عن هذه الشراكات
فمن الصعب أن يحقق تنمية فاعلة أو بالأحرى سيبقى قطعا مشلولا وعاجزا و هذا
ما حصل لقطاع التعليم بدول العالم الثالث بحــيث بـقي دائما بـمنأى عـن كل هـذه
الشراكات السابق ذكرها مما خلق داخله أعطابا لا متناهيا و فشل فشلا ذريعا..
فلشراكة الخطط التنموية المختلفة مع خطة التعليم دور كبير في النهوض به
وتحسين آلياته لأن المجتمع المدني له واجب اتجاه التعليم وهذا التعليم هو الذي
يعلم عائلات هذا المجتمع و من الأنانية الاجـتماعـية تخـلي المجتمع المدني عن
التعليم و مد يد العون اليه و كذلك نفس الشيء بالنسبة للتعليم و الاقتصاد من
جـهة و التعـلـيم و السيـاسة مـن جهة اخرى ، و إدماج التعليـم ضمن الخـطة
الاقتصادية شيء ضروري و واجب لأن الاقتصاد هو الاستثمار في الموارد
و ليس هناك أهم من الموارد البشرية و كذلك فالسياسي معني بقطاع التعليم
و لكن ليس لتسييه و تطويعه لمشاريعه السياسية و لكن لإدخاله في خطط تكفل
له التوسع و التجدد لأن السياسةىلها طاقات و مـوارد كبرى إذا وضفت بعـضها
في خطة التعليم فإنه سيعرف انفراجة و تطورا كبيرين..
***************************************
المبحث الثالث
القسم الأول
{نجاح التعليم يؤدي بالضرورة إلى حراك اجتماعي إيجابي يصنع تنمية الوطن}
إن التعليم معادلة ترتبط جميع معاملاتها بالمجتمع و عندما تستطيع أمة أن تنجز
نجاحا على مسستوى تعليمها فإن هذا سيؤدي بالضرورة إلى خلق شباب واعد له
امكانيات وقدرات رائعة سيسعى بجهد للبحث عن سبل لبناء حياته و إعمار وطنه
أشياء ستحدث بلا شك حراكا اجتماعيا مهما من شأنه تطوير المجتمع و الاسراع
من وتيرة التنمية لأن كل حراك اجتماعي تقوم به طاقات متعلمة ذات وعي منفتح
و مهارات مختلفة سيكون يقينا حراكا فاعلا في المجتمع و سيرتقي بجميع نظمه
و سيصنع في ظرف وجيز كل أسباب التنمية المنشودة إضافة إلى" الدور الهام
المفترض أن يحدثه التعليم في إحداث النمو الاقتصادي و من ثم تقليل معدلات
الفقر في المجتمعات المختلفة.فالتعليم أو/التدريب يزيد إنتاجية الفرد الاقتصادية
بما يمكنه من كسب دخل أعلى . و لذا فإن الحكومات و أصحاب العمل يستثمرون
في رأس المال البشري عن طريق تخصيص الوقت و المال للتعليم و التدريب بما
يؤدإلى تراكم المعرفات و المهارات"أ_ج_2_5*ص11المصدر.
فتعزيزالتنمية التعليمية سيؤدي إلى نجاح كل المعادلات التي كانت في البدء صعبة
لأن التعليم هو مفتاح لكل أبواب المستقبل و تطـوير حياة الشعوب و الدفـع بها إلى
خلق أجيال ذات وعي كبير تسـتطيع أن تـنمي قدراتها و تـصنع مهاراتها و تـرتقي
بإنتاجية الوطن إلى مستوى مرضي يكفل له التنمية المنشودة..
فالحراك الاجتماعي الفعال تحدثه عقول ذات وعي فكري و معـرفي كبيران و هـذا
الحراك هو سمة كل مجتمع منتج و كلما تطورت عملية التنمية التعليمية تطورت
العقول وازدادت معها آلية الحراك لتصنع التغيير و الرقي..
***************************************
القسم الثاني
{عجز النظام التعليمي يؤدي إلى عجز في مختلف نظم الدولة}
و في هذا القسم سأتكلم طرحي في القسم الذي سبق لكن من زاوية معاكسة فقد
تكلمت و قلت كيف أن نجاح التعليم يؤدي بالضرورة إلى حراك اجتماعي إيجابي
يصنع تنـمية الوطن و هـنا سأتكـلم عن العكس و كيـف أن العـجز في المنظومة
التعليمية يخلق عـجزا في أعضاء الأمة و نظم الدولة كـكل ،ف" هذا لا يعني فقط
أن التعليم قد فقد قدرته على توفير مدخل للفقراء للصعود الاجتماعي في كثير من
الدول النامية ، بل إن هذه الدول قد أصبحت معـزولة عـن المعرفة و المعلومات
و التكنلوجيا العالمية.. و إن اتخاذ إجراءات شاملة لإصلاح نظام التعليم تكوون أكثر فعالية في متطالبات التنمية "\أ_ج_3_5*ص14المصدر.
فعندما يعجز نظام التعليم عن النجاح في عمليته يصـيبه كثير من الفشل والشلل
في آلياته و كـثرة المعوقات والأعطاب مما يتعـذر معه عملية الانتاج بشكل نهائي
تتعذر معه أيضا بلورة المدخلات إلى مخرجات تصبح العملية ككل عـقيمة جـدا
أشياء نراها منذ زمن في أوطاننا النامية و التي يعاني منها التعليم أشد المعاناة..
فعندما يعجز التعليم فإن العقول تصبح بلا أساسيات فكرية أو مرتكزات معرفية
مما يخلق عجزا في إنتاج طاقات شبابية تمتلك شيئا من قدرات أو مهارات مبتكرة
و منتجة و من المستحيل أن تعطي و تنتج و أن تصنع مستقبلا واعدا حيث قال
(مالكوم إكس) بهذا الصدد"التعليم هو جواز السفر للمستقبل"و فعلا بلا تعليم
لا يوجد أي مستقبل على الاطلاق..
إن العجز في التعليم له آثار مدمرة على الأمة مهما كانت مواردها لأن العقول
والقدرات التي ستحرك هذه الموارد ليست موجودة وبالتالي تصبح الدولة شبه
مشلولة رغم توفر مواردها و يبقى نموها الاقتصادي راكد لا تتحرك مؤشراته
و بلا أي توازن اقتصادي أو اجتماعي و تغرق في سراديب الجهل و التخلف..
***************************************
القسم الثالث
{أهم أسباب المستوى الضعيف للتعليم هو الفجوة الهائلة بين عدد المتمدرسين في العوام النامية و بين كلفة تعليمهم من الناتج القومي العالمي}
إن إشكالية التعليم بعوالمنا النامية هي مشكلة تفرعت عن أسباب كثيرة مما
خلق لها أبعاد كبرى تزداد تعدادا كل سنة في غياب الاصلاح و التغـيير و مـن
العلامات التي تبصم ميدان التعليم بدول العالم الثالث هي غـياب التوازن في
جميع مستوياته مما خلق خـللا مهولا و وضـعا كارثـيا و حسب تقرير تـقرير
التنمية الدولي فإنه ذكر إشكاليتين تشتركان في نفس الأبعاد و إحداهما تـتفرع
عن الأخرى فالأولى حجم الفرق الكبير بين عدد المتمدرسين في العوام النامية
وبين كلفة تعليمهم من الناتج القومي العالمي حيث ذكر التقرير بهذا الخصوص"
أفاد التقرير بأن مليار ونصف طالب يذهبون للمدرسة يومياً،وتبلغ كلفة تعليمهم
(5%) من اجمالي الناتج القومي للعالم" أ_ب_أ_3*المصدر. والذي نتج عنه
خلل كبير على مستوى تعلـيمهم و نـتج عـنه فرق كبير بين عـدد المتمدرسين
و مستوى تعليمهم الضعيف و هاتين الاشكالتين هي قاسم مشترك بين مختلف
دول العالم الثالث و من أهم أسباب تدهور التعليم بهذه الدول..
فهذين العاملين تتفرع عنهم باقي العوامل الأخرى مما ينتج عنه سنة بعد سنة
انخفاض في الإنتاجية التعليمية و هبوط نوعية التعليم في المؤسسات التعليمية
مما يجعل مجتمعات هذه الأوطان تعج بالتلامذة غير المؤهلين معرفيا و تربويا
و أخلاقيا و تبرز معه ظاهرتين أولها ارتفاع ظاهرة البطالة و ما يترتب عنها من
أخطار مجتمعية و اقتصادية وسلوكية ينتشر معها الفساد والاجرام و أيضا نتيجة
هـبوط نوعـية التعليم يبرز على السطح عـجز كبير في الطاقات المؤهـلة ذوي
القدرات للانخراط في المجتمع و تسيير مراكز العمل..
***************************************
المبحث الرابع
القسم الأول:
{إشكالية التعليم في دول العالم الثالث}
إن إشكالية التعليم في دول العالم الثالث لها عدة حيثيات متشعبة لأنها صيرورة
عدة متغيرات و أسباب تغوص في عـمق مجتمعاتنا و سأبـدأ بالسبب الأول الذي
يتمثل في إقصاء التعـليم بهـذه الدول من موارد الدولة و الاكـتفاء بتمويل بسيط
يجعله يسير ببطء و عجز كمنظومة هـشة و عـقيمة و حسب بـيان البنك الدولي
(World Bank ) فـما يناهز مليار ونصف مليار تلـميذ يُخـصص لـتدريسهم
(5%)من اجمالي الناتج القومي للعالم فقط رقم ضئيل وهذا شيء خلق هشاشة
كبيرة في هذه المنظومة ككل..
و حسب تقرير أصدرته منظمة اليونيسكو منذ بضعة سنين فإن "نصف الأطفال
في الدول العربية لا يتلقون تعليما ابتدائيا أو لا يتلـقون أساسيات التعـليم حـتى
عندما يلتحقون بالمدارس "المصدر.. .و يضيف نفس التقرير إلى أن " سبعة
وخمسين مليون طفل في العالم لا يذهبون إلى المدارس وأن ثلث الأطفال البالغين
سن التعليم الابتدائي لا يتعلـمون الأساسيات ، سواء لاالـتحقوا بالـمدارس أو لم
يلتحقوا بها بسبب تدني مستوى التعليم"1أ_*المصدر..
فإلإشكالية حول التعليم في هذه الدول تزداد عمقا لأن التوسع اللامتناهي لظاهرة
اللأمية يجعل من الصعب استيـعابها مع كثرة العراقيل التي تعـيق قطاع التعليم
و هذه الإعاقة لها عدة وجوه لعل أهمها ضعف جودة التعليم في هـذه الدول على
جميع المستويات من الابتدائي حتى السلك الجامعي والاشكالية الثانية التهميش
الكـبير الذي تعـيشه عـدد من قرى العالم الثالث عـلى مستوى التعـليم مما جـعـل
ظاهـرة الأمية لازالت مستمرة هـناك بشكل كبير جدا..
فإشكالية التعليم بهذه الدول ستبقى دائما مطروحة إذا لم تكن هناك جدية وأولوية
في تطويرها ولعل الخطوة الأولى تكمن في تحديد الاحتياجات بشكل صحيح وبناء
قدرات الأطر التعليـمية عـلى غـرار مـثيلاتها الغربـية حتى تستطيع التـعاطي مع
الطلبة بشكل يؤتي ثماره و أكله،كما أنه أصبح لزاما وضع نظام تعليمي حديث
يعتمد على الآليات المعرفية الجديدة من نظريات حديثة وتكنلوجيا متطورة لخلق
أجيال قوية قادرة على العطاء و الانتاج..
***************************************
القسم الثاني:
{إكراهات التعليم في دول العالم الثالث}
إن التعليم في الدول النامية يعاني من إكراهات شتى منذ عقود و لا زالت أسباب
تدهـور هـذه المنـظومة الحساسة تـزداد سوءا على سوء فـكثير مـن المنظـمات
الدولية قد وضعت منظومة التعليم في هـذه الدول تحت المجهر و خرجـت بعـدة
نتائج حددت فـيها الأسباب و المعوقات كما نوهت بعـدة توصيات و لعـل أهـم
معوقات التعليم التي اتفقت حولها كل التقارير الدولية يكمن بالدرجة الاولى في
الاسباب التالية:
1_ارتفاع نسبة الأمية و البطالة بموازاة مع عدم تلبية المؤسسات التعليمية
للفرق الشاسع و عجزها على احتواء الخصاص..
2_عدم كفاءة الأطر التعليمية سواء على مستوى المعلمين أوالمشرفين الشيء
الذي يؤثر بشكل كبير على تكوين الأجيال بشكل صحيح..
3_كما يبرز مشكل في بعض الدول النامية بخصوص التنوع الجعرافي بحيث
نجد مناطق فيها عدد من المدارس التعليمية في حين مناطق أخرى تعيش بمنأى
و معزل عن التعليم أشياء تضيع حق الكثيرين في الاستفادة من فرص تعليمهم
مثل الاخرين..
3_و أيضا هناك مشكل طرح نفسه في العقد الأخير مع دخول العالم لمرحلة
التكنلوجيا و الحداثة بحيث نجد أن التكنلوجيا غير مفعلة داخل المؤسسات
التعليمية وقد أثبتث فعاليتها لدى المؤسسات التعليمية الغربية و زادت كثير
من قدرة التفاعل لدى الطفل الغربي و أكسبته مهارات متجددة..
***************************************
القسم الثالث:
{أسباب تدهور التعليم في دول العالم الثالث}
إن المعضلة الكبرى في الدول النامية التي أسهمت بشكل كبير في تدهور التـعليم
هو عدم مراهنتها عليه بحيث لازال اخر خياراتها و في كثير من هذه الدول نجدها
لا تسعى لتطوير نظام التعليم الذي يعاني معضلتين كبيرتين أولها عدم تخصيص
حجم مالي يكـفي للنهوض بهذه المنـظومة و يرتقي بها إلى سبل أفـضل و أحسن
و المعضلة الثانية أن اللاعبين السياسيين لا زال دأبهم إقحام هـذه المنظومة
الحساسة ضمن مشاريعهم السياسية الشيء الذي سيجعل التعـليم دائـما يعيش
ظروفا صعبة و تبقى آلياته عاجزة عن السير نحو التقدم و التطور..
فهاتين المعضلتين المتمثلتان في التمويل الضعيف من جهة وفي التدخل السياسي
من جهة أخرى إذا تم إصلاحهما فإن التعليم سيجد متنفسا جديدا وستصبح آلياته
ذات قدرة كبيرة على إنتاج ناشئة ترقى لمستوى التطلعات و أجيال قادرة على
خوض تجربة العمل والولوج لسوق الشغل بكفاءة عالية والسير بركب التنمية
إلى مرحلة جديدة من الازدهار و التطور..
و إضافة إلى السببين الآنف ذكرهما هناك أسباب جانبية تلعب دورا سلبيا في
هذه المعضلة حيث هناك أسباب أخرى تضافرت كلها وأعطتنا المشهد المأساوي
الذي يعيشه التعليم بهذه الاوطان كافة،و لعلل أهمها:
1_هشاشة المناهج الدراسية و التي أصبحت خلال العقد الأخير مناهج شبه
فارغة تكاد تخلوا من الأسس العلمية القوية والمقررات التي تحوي المعطيات
المعرفية المهمة لصنع عقول كبيرة أصبحت تقريبا منعدمة و هذا سببه الأول
سيطرة النظام السياسي على النظام التعليمي..
2_كما أن ضعف مستوى المعلمين عامل هادم للمنظومة التعليمية ككل في
دول العالم الثالث و هذا لأسباب عدة سيتم طرحها في مبحث لاحق و حسب
التقرير العالميي لليونسكو لرصد التعـليم للجميع فقد أعـلن أن "ربع مليار
طفل على الأقل حول العالم يفتقدون المبادئ الأساسية للتعليم بسبب تردي
قدرات المعلمين وافتقارهم للتدريب المناسب لأداء وظيفتهم."16أ_*المصدر_
3_و نجد كذلك من أهم الأسباب الفساد الكبير في هذه الاوطان و الذي يكون
للتعليم نصيب أيضا منه والتلاعب بالاموال العامة يجعل حجما كبيرا من هذه
الاموال يضيع و يذهب للفاسدين بدل أن يدخل في دعم و تقوية قطاع التعليم.
4_و مقارنة مع الدول المتقدمة نجد أن شحن التلاميذ بساعات دراسية طويلة
له أثر سيء على مستوى تعاطيهم مع المدرس بشكل سليم..
5_و هناك مسألة الطعام و تقديم الغذاء للتلاميذ التي تنعدم بدول العالم الثالث
في حين تحققت لدى الغرب مما انعكس إيجابا على التلاميذ بمزيد من الفهم
و العطاء..
5_و أيضا ضعف المؤطرين و الاساتذة من الجيل الجديد وعدم تكوينهم القوي
زاد الطين بلة..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق